الجزائر والعزلة الدبلوماسية

إعتبر الصحافي جان بيار سيريني مدير سابق لمجلة “لو نوفيل إيكونوميست” ورئيس تحرير سابق لمجلة ليكسبريس في مقال له بموقع أوريان 21 الفرنسي، الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون البالغ من العمر 79 عاما، الساعي إلى فترة رئاسية ثانية، الأضعف والأقل نشاطاً من بين الرؤساء السبع الذين تعاقبوا على حكم الجزائرية منذ إستقلالها قبل 62 عاما.

صاحب المقال رأى أن وصول تبون إلى رئاسة الجمهورية مرتبط بمجموعة من الظروف الإستثنائية وأن أهم إنجازاته خلال فترته الرئاسية الأولى تتمثل في محاصرة الجزائر العاصمة بآلاف الوحدات السكنية الإجتماعية القبيحة والمتهالكة بسبب قلة الصيانة، حسب الصحافي الفرنسي، الذي أضاف كاتبا في مقاله : تبّون هو الرئيس الجزائري الأضعف والأقل نشاطا وأدخل البلاد في عزلة دبلوماسية غير مسبوقة.
وتابع الكاتب القول إن الفضل في تعيين عبد المجيد تبون عام 2017 على رأس الحكومة، يعود إلى قائد الأركان الراحل الجنرال أحمد قايد صالح، والذي عيّن تبون بعد ذلك بسنتين كمرشح لرئاسة الجمهورية.

وبعد أقل من شهر من أنتخاب تبون، توفي حاميه قايد صالح إثر جلطة مفاجئة، ووجد الرئيس الجديد نفسه معزولاً، محاطاً بقائد الأركان الجديد الجنرال سعيد شنقريحة. وسرعان ما تم تطهير غالبية حاشية قايد صالح في عملية لم تستثن لا المدنيين ولا العسكريين. ويُعد عبد المجيد تبون أحد الناجين القلائل، بحسب جان بيار سيريني.

ورأى الكاتب أن تبون، الذي يجد نفسه محاطاً بقلة قليلة من الأوفياء، لم يلقِ سوى خطبة واحدة إلى الأمة خلال فترته الرئاسية، وهو يفضل رفقة أصحاب الجرائد بدلاً من الصحافيين، بحيث يستقبلهم بانتظام، ويتم بث تصريحاته بعد يومين أو ثلاثة، وهي الفترة التي تقوم فيها التلفزة الحكومية بتنقيتها. والحقيقة أن الحصيلة كارثية، سواء بالنسبة له أو بالنسبة للعسكر، إذ شهد النظام الفترة الأكثر قمعاً في تاريخه القصير، وفق جان بيار سيريني، مضيفاً أن الحريات العامة القليلة أصلاً، أصبحت شبه معدومة. ويتم سجن الآباء لإجبار الأبناء الفارين على تسليم أنفسهم للسلطات.

كما يتم قمع الصحافيين وتُغلق الصحف ويُسجن أصحابها. أما الممولون، فيتعرضون للتهديد لثنيهم عن ذلك. وينتظر الأجانب، سواء كانوا من الإعلام أو من عالم المنظمات غير الحكومية، أشهراً طويلة للحصول على تأشيرة الدخول التي نادراً ما تُمنح لهم. أما عدد السجناء السياسيين، فهو أكبر من أي وقت مضى. وتتميّز كذلك هذه الفترة بحياة فكرية متوقفة، إذ إن 90% من الكتب المنشورة دينية، أما البقية، فتتعلق بحرب الاستقلال، وهو الموضوع الثاني الذي يُلهم النظام. وهو فراغ رهيب يجعل الشباب، بما في ذلك المتخرجون، يهاجرون من البلاد بحراً، حيث إن خط مستغانم- الجزيرة الخضراء إسبانيا يعمل بكل طاقته، بشكل غير قانوني تماماً، بمجرد أن يهدأ البحر المتوسط، وفق كاتب المقال.

وإعتبر جان بيار سيريني الجزائر في عهد تبون عزلة دبلوماسية غير مسبوقة. فيبدو أن الرئيس كان يأمل في مسافة أكبر من الجنرالات، معتمداً في ذلك على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتم التحضير في عدة مناسبات لزيارة باريس، قبل أن تُلغى دون أي تفسير.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة