الشعب الذي صلبته المآسي ولا تزال

جاء طوفان الأقصى، الذي كانت الغاية منه عند تلاميذ غزة، هو تأكيدهم لنا كعرب وباقي شعوب العالم، غياب الموقف في حق الشعب الفلسطيني، الذي يباد بقطاع غزة، دون البحث عن أي طريقة لِلَجْم الكيان الصهيوني، تلاميذ غزة إستوعبت دروس الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، التي يتغنى بها العالم، وتخاذله وإدارت ظهره لهذا الشعب الذي صلبته المآسي، من خلال هذا الصمت الذي خلف ألاف الضحايا بين قتيل وجريح، وتدمير كلي للبنية التحتية للشعب الفلسطيني، ناهيك عن صمت بني جلدته، وعدم قدرة الحكام على إيصال لقمة رغيف، وشربة ماء، لشعب أعزل ينتظر وجبة سريعة، لعله يستعيد بها الحياة، أو الحياة على تلك الأرض، في ظل صواريخ يلقيها العدو الصهيوني عليه للمزيد من التطهير، هذا الشعب الذي كان ينتظر كذلك مجرد ضمادة لتضميد جرح طفل ينزف دما، أو حبة دواء تسكنه لدقائق معدودات.

ورغم هذا كله يبقى شعب فلسطين مكمن المعجزات، ومن ظلمه ستولد الحريات، في ظل تباهي جيش يقول عن نفسه بأنه جيش لا يقهر، لكنه يتباهى بقتل الأطفال والرضع والنساء والشيوخ، والتي كان قبلها “دير ياسين” وما تلاه، كأنه إنجاز، لكنه كان دائما يتلقى ضرباتٍ تشدها ضربـاتُ، على يد المقاومة الفلسطينية، رغم جراح مخالب الدهر، معلنا ثورته ضد الكيان الصهيوني، والصمت العالمي، ورغم فتكه بسكان غرة ولن يرتد، سيبقى معتمدا على عزيمة مقاومته وثبات شعبه الذي تسكب عليه نار قذائف العدو الصهيوني جوا وبرا وبحرا لكنه لا يبالي لظاها، والتي تزيده عزما وثباتا.

رغم ما تكبده الشعب الفلسطيني من خسائر في الأرواح وما لحق به وبنيته التحية من دمار، إلا أنه لقن العدو، وسيلقنه دروسا، منها أنه عراه أمام العالم وكشف عن وجهه الحقيقي، الذي سارع بالأمس إلى محكمة العدل الدولية خلال حرب غزو روسيا لأوكرانيا، ليصدر حكما مستعجلا في حق قيادات من روسيا، بينما ما حصل بغزة وجد أمامه “الفيتو” الأمريكي الذي يناصر هذا الكيان الغاصب، ليبقى شعب فلسطين الذي أنجب تلاميذ يلقنون دروس المقاومة لعدو لا يعرف الا لغة النار، شعب صلبته المآسي، لتلخق منه معدناً صافياً، وجد نفسه وحيدا للدفاع عن عرضه وشرفه ووطنه، من خلال تلقيه لشهدائه عزا ونصرا، مودعا ضحاياه بالفرح، من أجل الحياة التي هي حياة أنجبت شعب صلبته.
لكن أباء تلاميذ غزة، رغم الدمار والإبادة التي يتعرض لها أخل فلسطين وبالخصوص غزة، رغم الصمت، إلا أنهم سيغييرون المعادلة بالشرق الأوسط وجزء من العالم، ومالك على الله بعزيز.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة